تعريف الأدب
تعريف الأدب لغة
قال ابن فارس:
(أدب) الهمزة والدال والباء أصل واحد تتفرع مسائله وترجع إليه: فالأدْب أن تجمع النّاس إلى طعامك. [1]
قال الجوهري:
الأدب: أدب النفس والدرس، تقول منه: أدب الرجل بالضم فهو أديب، وأدبته فتأدب.[2]
قال الفيومي:
( ء د ب ) : أدبته أدبا من باب ضرب علمته رياضة النفس ومحاسن الأخلاق قال أبو زيد الأنصاري الأدب يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل وقال الأزهري نحوه فالأدب اسم لذلك والجمع آداب مثل سبب وأسباب وأدبته تأديبا مبالغة وتكثير ومنه قيل أدبته تأديبا إذا عاقبته على إساءته لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب.[3]
قال الفيروز آبادي:
الأدب، محركة: الظرف، وحسن التناول، أدب، كحسن، أدبا فهو أديب، ج: أدباء.[4]
قيل في المعجم الوسيط: رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي, و الآداب العامة العرف المقرر المرضي.[5]
تعريف الأدب اصطلاحا:
قال ابن قيم الجوزية –رحمه الله تعالى-: الأدب : اجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس. وعلم الأدب : هو علم إصلاح اللسان والخطاب وإصابة مواقعه وتحسين ألفاظه وصيانته عن الخطاء والخلل وهو شعبة من الأدب العام والله أعلم.[6]
وقال ابن العثيمين –رحمه الله تعالى-:
الأدب: الأخلاق التي يتأدب بها الإنسان، وله أنواع كثيرة منها: الكرم والشجاعة وطيب النفس وانشراح الصدر وطلاقة الوجه وغير ذلك كثير فالأدب هو عبارة عن أخلاق يتخلق بها الإنسان يمدح عليها ومنها الحياء والحياء صفة في النفس تحمل الإنسان على فعل ما يجمل ويزين، وترك ما يدنس ويشين، فتجده إذا فعل شيئا يخالف المروءة استحيا من الناس، وإذا فعل شيئا محرما استحيا من الله عز وجل وإذا ترك واجبا استحيا من الله وإذا ترك ما ينبغي فعله استحيا من الناس.[7]
وحقيقة الأدب استعمال الخلق الجميل ولهذا كان الأدب : استخراج ما في الطبيعة من الكمال من القوة إلى الفعل.[8]والأدب هو كله فإن ستر العورة من الأدب والوضوء وغسل الجنابة من الأدب والتطهر من الخبث من الأدب حتى يقف بين يدي الله طاهرا ولهذا كانوا يستحبون أن يتجمل الرجل في صلاته للوقوف بين يدي ربه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة وهو أخذ الزينة فقال تعالى : ]خذوا زينتكم عند كل مسجد[ (الأعراف : 31) فعلق الأمر بأخذ الزينة لا بستر العورة إيذانا بأن العبد ينبغي له : أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة.[9] وأدب المرء : عنوان سعادته وفلاحه وقلة أدبه : عنوان شقاوته وبواره فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب.[10]
أقوال العلماء في فضل الأدب:
روي عن عمر رضي الله عنه قال تأدبوا ، ثم تعلموا وقال أبو عبد الله البلخي أدب العلم أكثر من العلم .وقال عبد الله بن المبارك إذا وصف لي رجل له علم الأولين والآخرين لا أتأسف على فوت لقائه ، وإذا سمعت رجلا له أدب القس أتمنى لقاءه وأتأسف على فوته.[11] وقال ابن المبارك لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين عمله بالأدب رواه الحاكم في تاريخه وروي عنه أيضا طلبت العلم فأصبت فيه شيئا ، وطلبت الأدب فإذا أهله قد ماتوا .وقال بعض الحكماء لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب ، كان يقال العون لمن لا عون له الأدب .
وقال الأحنف الأدب نور العقل ، كما أن النار في الظلمة نور البصر .كان يقال الأدب من الآباء ، والصلاح من الله .كان يقال من أدب ابنه صغيرا ، قرت به عينه كبيرا ، وقال بعضهم من لم يؤدبه والداه أدبه الليل والنهار [12].وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى ]يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا[ قال أدبوهم وعلموهم.[13]
قال السفاريني –رحمه الله تعالى-: واعلم أن تعلم الآداب وحسن السمت والقصد والحياء والسيرة مطلوب شرعا وعرفا . وقال ابن عباس : اطلب الأدب فإنه زيادة في العقل ، ودليل على المروءة مؤنس في الوحدة ، وصاحب في الغربة ، ومال عند القلة .وقال أبو عبد الله البلخي : أدب العلم أكثر من العلم.[14]
الله تعالى أعلم
إعداد الفقير إلى مغفرة ربه عمران رشيد نوراني محمد يوسف
_________________________________
جاكرتا, 02/11/2016م.
[1] مقاييس اللغة, لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا(ت:395ه), ص:32, دار الحديث – القاهرة, الطبعة: 2008 م.
[2] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية, لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت:393ه), ص:30, دار الحديث- القاهرة, الطبة: 2009م.
[3] المصباح المنير, لأحمد بن محمد بن علي الفيومي المقري (ت:770ه), ص:11, دار الحديث – القاهرة, الطبعة:2003م.
[4] القاموس المحيط, لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت:817ه), ص: 32, دار الحديث – القاهرة, الطبعة: 2008م.
[5] المعجم الوسيط, ص:9, مكتبة الشروق الدولية – القاهرة, الطبعة الرابعة: 2008م.
[6] مدارج السالكين, للإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية(ت:751ه), 2/304, دار الحديث – القاهرة, الطبعة: 2003م.
[7] شرح رياض الصالحين, محمد بن صالح العثيمين, 2/417, دار ابن الجوزي – القاهرة, الطبعة: 2006م.
[8] مدارج السالكين, لابن قيم, 2/309.
[9] المرجع السابق, 2/311.
[10] المرجع السابق, 2/315.
[11] الآداب الشرعية, عبد الله محمد بن مفلح المقدسي(ت:763ه), 3/522, مؤسسة الرسالة – بيروت, الطبعة الثالية: 1999م.
[12] المرجع السابق, 3/523.
[13] تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن, للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت:310ه), 10/884, دار الحديث – القاهرة, الطبعة: 2010م.
[14] غذاء الألباب شرح منظومة الآداب, محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (ت:1188ه), 1/27, دار الكتب العلمية – بيروت, الطبعة:1996م.